عمد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى استهداف المدنيين في مخيمات ونقاط تجمع النازحين، من بينهم لاجئين عراقيين وسوريين هربوا من المعارك في بلادهم.
واعتبر خبراء تحدثوا إلى موقع ديارنا أن داعش تسعى إلى الانتقام من المدنيين بعد ما تكبدته مؤخراً من خسائر جسيمة، ولإبقائهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها من خلال تهديدهم بمهاجمة عائلاتهم وأقاربهم الذين استطاعوا الهروب.
وقد أسفر هجوم نفذ في 2 أيار/مايو على مخيم في منطقة رجم الصليبي داخل الأراضي السورية، عن مقتل ما لا يقل عن 46 شخصاً بينهم 31 مدنياً.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن ما لا يقل عن خمسة انتحاريين فجروا أنفسهم داخل وخارج المخيم في محافظة الحسكة.
وتبنت داعش الهجوم على المخيم المؤقت بالقرب من الحدود مع العراق، حيث تنتظر نحو 300 عائلة للعبور إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية.
وفي هذا السياق، قال عمار صالح وهو من أعضاء مجلس السلم الأهلي لمدينة الحسكة، لموقع ديارنا إنه "لا مجال للاستغراب حول موضوع استهداف تنظيم داعش للمدنيين في سوريا أو في أي منطقة حول العالم".
وتابع أن التنظيم ومنذ نشأته، اعتبر المدنيين هدفا أساسياً ومشروعاً له ووجّه معظم هجماته وعملياته ضدهم.
وأضاف صالح أن التنظيم كثّف هجماته على المدنيين في سوريا مؤخراً، وذلك في محاولة "للضغط على المواطنين وإسكاتهم حتى في المناطق التي هربوا إليها لإفهامهم أنه يستطيع الوصول إليهم أينما هربوا".
وأشار إلى أن "هذه المجازر قد تكون أيضاً رسائل موجهة إلى المدنيين في المناطق التي لا تزال تحت سيطرته، بمعنى انه سيستهدف أقاربهم وأهاليهم إن ثاروا عليه أو أبدوا أي نوع من المقاومة".
استهداف تجمعات المدنيين
من جهته، قال هافال عباس الممرض التابع للهلال الأحمر الكردي، إن الهجوم الذي تعرض له مخيم رجم الصليبي، وهو نقطة تجمع للمدنيين الهاربين من دير الزور ومناطق أخرى تسيطر عليها داعش، يؤكد مدى إجرام التنظيم.
وأوضح لديارنا أن عدداً من عناصر داعش تسللوا إلى حاجز أمني يقع على مقربة من المخيم، وفجّر أحدهم نفسه فيما أطلق الآخرون النار بشكل عشوائي، مما أوقع عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.
وأضاف أن "الإجرام لم يتوقف عند هذا الحد، بل تسلل أربعة انتحاريين إلى داخل المخيم واستطاع أحدهم تفجير نفسه".
وتابع أن الآخرين قتلوا على يد قوات سوريا الديموقراطية قبل أن يتمكنوا من تفجير أنفسهم.
وتزامن الهجوم مع تعرض أحد مراكز الأسايش في مدينة الشدادي لهجوم انتحاري، بحيث فجّر إرهابي نفسه داخل المبنى.
وذكر عباس أن المركز يوفر الخدمات للمدنيين، "وتصادف تواجد العديد من أبناء المنطقة داخله مما أوقع عدداً كبيراً ايضا من القتلى والجرحى".
ومن الهجمات الأخرى التي استهدفت مدنيين، تفجير شاحنة مفخخة في 21 كانون الثاني/يناير داخل مخيم الركبان، في الأرض الحرام بين الأردن وسوريا.
وأسفر الهجوم عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة العشرات، بينهم نساء وأطفال.
ولفت عباس إلى أنه في 16 نيسان/أبريل، أسفر انفجار سيارة مفخخة عن مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً في مخيم المبروكات القريب من مدينة الحسكة، حيث تجمع المدنيون الهاربون من معارك الرقة.
تحويل المدنيين إلى دروع بشرية
من جانبه، قال عكيد إبراهيم المسؤول الإداري في الهلال الأحمر الكردي إنه "بالإضافة إلى مهاجمة المخيمات الخاصة بالنازحين، يقوم تنظيم داعش بإطلاق النار العشوائي على المدنيين الذين يحاولون الهروب من مناطقه".
وأضاف ابراهيم أن التنظيم وصل إلى "قمة الإجرام بتعريضه المدنيين للخطر المباشر في مدينة الطبقة بعد انتشار عناصره بين منازل المدنيين ثم اختبائه داخل المنازل وتحويل المدنيين إلى دروع بشرية تحميه من نيران قوات سوريا الديموقراطية".
وأكد ابراهيم أن "استهداف داعش للمدنيين يجري بطريقة واحدة موحدة منذ أن ظهر التنظيم، حيث لا فرق بين ما تعرض له أهالي مدينة كوباني [عام 2014] من استهداف مباشر وبين ما يتعرض له أبناء [منطقة] الجزيرة في الوقت الحالي".
وختم قائلاً إن "زرع العبوات والألغام حتى يتم بالطريقة العشوائية نفسها التي لا تهدف إلا لحصد القدر الأكبر من الأرواح".