أخبار العراق
إرهاب

مساجد الموصل تفتح أبوابها بعد ترميمها إثر هجمات داعش

خالد الطائي

مسؤولون عراقيون يقيّمون الأضرار التي لحقت بمسجد النبي يونس الأثري في الموصل بسبب الممارسات المتطرفة. [حقوق الصورة لديوان الوقف السني]

مسؤولون عراقيون يقيّمون الأضرار التي لحقت بمسجد النبي يونس الأثري في الموصل بسبب الممارسات المتطرفة. [حقوق الصورة لديوان الوقف السني]

مع ارتفاع صوت المآذن في مختلف أنحاء المدينة داعية الناس للصلاة، يتوجه سكان حي المهندسين في شرقي الموصل إلى مسجد وجيه الصيدلي.

قد يبدو هذا المشهد مألوفاً إلا أن إصرار السكان على مواصلة أدء فرائضهم الدينية يشير إلى عزمهم على عدم الخضوع لتهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، لا سيما بعد أن هاجم مسجداً في 31 كانون الثاني/يناير الماضي.

وكان تنظيم داعش قد استهدف المسجد بقنبلة ألقتها طائرة من دون طيارأثناء خروج المصلين من الجامع بعد صلاة المغرب، ما أسفر عن مقتل أحد المصلين المسنين وجرح آخرين.

وسبق هذا الحادث بأيام إطلاق داعش لتهديدات باستهداف كل المساجد ودور العبادة خارج مناطق سيطرتها، حسبما ذكر مسؤولون لديارنا.

وعلى الرغم من المخاطر، يواظب مفيد عبد الله، 57 عاماً، المقيم في حي سومر، كما العديد من سكان أحياء شرق الموصل، على إقامة الصلاة في مسجد حيه.

وأكد لديارنا أن داعش تسعى من وراء تهديدها بمهاجمة المساجد إلى "عرقلة مسيرة الحياة وزرع الخوف في نفوس الأهالي".

وأضاف: "إذا امتنعنا عن أداء فرائضنا الدينية في المساجد وكل شؤوننا اليومية، نكون قد خضعنا لإرادتها وهذا ما نرفضه".

داعش تستهدف المساجد

وعزا عبد الله سبب استهداف داعش للمساجد إلى الدور الذي تلعبه في "مكافحة التطرف وتدعيم أسس السلام والتآخي المجتمعي".

من جانبه اعتبر الشيخ محمد الشمّاع إمام وخطيب جامع النبي يونس، أن داعش تستهدف المساجد بسبب "الدعم المعنوي الذي تقدمه للقوات الأمنية" التي ما زالت تحارب لاستعادة الجانب الغربي من الموصل.

وقال إن "الهجوم على جامع وجيه الصيدلي لم يكن الحادث الإرهابي الوحيد الذي يستهدف دور العبادة في شرق المدينة".

وأوضح الشمّاع أنه "في 10 آذار/مارس الماضي استهدف جامعي السورجي والسلام في حي سومر بقذائف الهاون خلال صلاة الجمعة، وتمكن الجيش من إخلاء المصلين بسلام".

وتابع أن داعش تحاول مهاجمة المساجد بأي وسيلة لإسكات صوت الحق الذي ينشر القيم السمحاء من على منابرها .

وأضاف: "قبل ذلك وأثناء فترة احتلالهم للمدينة، دمروا كل المساجد التاريخية والتي لها رمزيتها وقدسيتها لدى المسلمين، كمساجد النبي يونس والنبي شيت والنبي جرجيس".

انتهاك الحق في العبادة

وأكد الشمّاع أن عناصر داعش اغتالوا العديد من الأئمة والخطباء الذين رفضوا مبايعة التنظيم والقبول بممارساته.

وتابع أن "هذه الثلة الإرهابية تواصل مسلسل اعتداءاتها على الرموز والمعالم الدينية، وانتهاك حقوق الناس في ممارسة عباداتهم".

أما الشيخ أبو بكر كنعان، مدير ديوان الوقف السني في محافظة نينوى، فأشار إلى أن المساجد عادت تمارس دورها مجدداً كمنابر للوعظ وإشاعة التسامح وتصحيح المفاهيم والمبادئ الدينية التي حرّفتها داعش بهدف إلحاق الأذى بالنسيج الاجتماعي العراقي.

وقال: "عندما شعروا بأن هذه المنابر تشكّل خطراً كبيراً على دعايتهم وفكرهم المنحرف، يحاولون إسكاتها ومنع الناس من التوجه إلى المساجد".

وأكد كنعان أن أعمالهم جاءت بنتائج عكسية، لافتاً إلى أن "الهجمات زادت من إصرار الأهالي، وتشهد المساجد في شرق الموصل اليوم حضوراً مميزاً للمصلين".

وكشف أن داعش دمرت أكثر من 37 مسجداً في الموصل، معظمها قديم وذات طابع أثري ولها أهمية وقيمة ثقافية كبيرة لدى أبناء المدينة.

إعادة بناء دور العبادة

ويسعى ديوان الوقف السني إلى إعادة بناء المساجد التي دمرها تنظيم داعش في الموصل وبقية مدن البلاد.

وفي هذا الإطار، وضع في 18 آذار/مارس الماضي حجر الأساس لإعادة إعمار مسجد النبي يونس التاريخي الذي فجرته داعش في 24 تموز/يوليو 2014.

وفي 24 آذار/مارس، أعيد افتتاح جامع أبو القاسم محمد في بعقوبة بمحافظة ديالى، بعد ثلاث سنوات من تعرضه لتفجير إرهابي أوقع ما لا يقل عن 20 قتيلاً وعدداً من الجرحى.

إلى هذا، أكد عضو مجلس محافظة نينوى خديدا حمو ، وهو من الأيزيديين، أن هجمات تنظيم داعش على الدين لا تعرف حدوداً.

وأوضح لديارنا أن كل من يخالفه في التفكير ولا يظهر له الولاء يعتبره عدواً توجب إبادته.

"وفي إطار ذلك العنف اللامحدود، دمّر الإرهابيون ما لا يقل عن 30 مزاراً قديماً للأيزيديين في مناطق سنجار وبعشيقة وبحزاني، كمزارات شيخ حسن وملك فخر الدين ومجمع الرسالة"، وفق ما أضاف.

وأردف أن داعش دمرت أيضاً كنائس المسيحيين.

وختم قائلاً إن "الأهالي يقومون حالياً بإعادة تأهيل دور العبادة هذه بالإمكانات المتوفرة لديهم، وعادوا لممارسة طقوسهم الدينية فيها"، مؤكداً أن "هذا هو ردهم الحازم على الإرهاب".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500