بعد التدمير الممنهج الذي تعرضت له المكتبات تحت سلطة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) في الموصل، تم إطلاق عدة حملات تهدف إلى ملء رفوف المكتبة المركزية في المدينة بكتب ومخطوطات تم التبرع بها.
وفي شباط/فبراير 2015، نهبت داعش مكتبة الموصل وحرقت أكثر من 100 ألف مستند ومخطوطة نادرة تشمل قروناً من المعرفة البشرية. وفجرت أيضاً المبنى الأساسي للمكتبة في الفيصلية شرق الموصل.
وتجمع المواطنون في المكان محاولين إقناع المتطرفين بعدم إحراق المكتبة، إلا أنهم فشلوا في تحقيق ذلك.
والآن بعد تحرير القوات العراقية شرق الموصل واستعدادها لتحرير الجانب الغربي من المدينة، تُبذل جهود لإعادة إحلال الأمن وتوفير الخدمات في المناطق المحررة.
وشدد الشاعر العراقي وهاب شريف وهو عضو في اتحاد الأدباء في النجف، على أنه بالإضافة إلى "الأمن والغذاء والدواء، يحتاج الموصليون إلى أن نعيد لهم ألقهم الثقافي الذي حاول الارهابيون طمره".
وقد أطلق الاتحاد مؤخراً بالتنسيق مع مجموعة من الشباب في النجف ومنظمات من المجتمع المدني، مبادرة لجمع الكتب والتبرع بها لمكتبة الموصل.
ولفت شريف في حديث لديارنا إلى أن "الاتحاد استقبل لغاية الآن [تبرعات من] 112 متبرعاً".
وقال إن هذا العدد يشمل مؤلفين قدموا كتبهم وأفراداً تبرعوا بكتب من مكتباتهم الشخصية واخرين اشتروا الكتب من الأسواق للتبرع بها، فضلاً عن دور نشر قدمت العديد من المؤلفات والكتب.
ʼلا للكتب الطائفيةʻ
وأكد شريف أن كل الكتب التي تم جمعها كانت "علمية أو أدبية بحتة ولا يوجد فيها أي كتاب ديني".
وأوضح أن القائمين على المبادرة اشترطوا على المتبرعين أن تكون الكتب فقط علمية وتاريخية وأدبية وشعرية لتجنب أي توتر طائفي قد ينتج عن التبرع بكتب دينية معينة.
وشدد على أن المبادرة هي "قضية وطن قبل كل شيء وحتى قبل الطائفة والقومية وبقية العناوين الأخرى"، واصفاً إياها بأنها "قضية إنسانية وثقافية".
يذكر أن اتحاد الأدباء في النجف نسق مع جامعة الموصل ومكتبة الموصل والجهات المعنية لتأمين عملية نقل الكتب إلى الموصل في أقرب وقت ممكن.
كذلك، شاركت منظمة المجتمع المدني "أنا أقرا أنا عراقي" في الجهود التي بذلت خلال الشهر الجاري وبدأت بجمع الكتب لمنحها لمكتبة الموصل.
وذكر نائب رئيس المنظمة بهاء كامل أن المنظمة تمكنت من جمع ستة آلاف كتاب أدبي وثقافي وفني.
وأوضح لديارنا أن "المتبرعين قدموا الكتب في العديد من المنافذ التي فتحتها المنظمة خصيصاً في مناطق متفرقة من بغداد ومدن أخرى. وقام بعض الناشطين بإرسال الكتب من خارج العراق".
وأشار إلى أن الحملة ستتواصل حتى الانتهاء من تحرير الناحية الغربية من الموصل، على أن يتم بعد ذلك إرسال كل الكتب التي تم جمعها دفعة واحدة إلى المدينة.
مبادرات أخرى
وبدورها، وفي إطار الجهود الرامية إلى دعم الجامعات المتضررة في البلاد، أرسلت جامعة ذي قار مؤخراً نسخاً ورقية لرسائل وأطروحات أكاديمية إلى جامعة الموصل.
وقال الأمين العام للمكتبة المركزية في جامعة ذي قار رائد حميد لديارنا إن "الجامعة تبرعت بـ 50 رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراه ورقية منجزة للمكتبة المركزية بجامعة الموصل".
وأوضح أن الجامعة سبق وأرسلت مجموعة من الرسائل الأكاديمية إلى جامعة تكريت التي احتلها تنظيم داعش لفترة وجيزة في 2015. وقد تضرر الحرم الجامعي إلى حد كبير في معركة تحرير المدينة من داعش في نيسان/أبريل 2015.
وفي هذه الأثناء، أطلقت جامعة البصرة للنفط والغاز حملة واسعة لإعادة إعمار المكتبة المركزية في الموصل بعد أن أحرقتها داعش، حسبما أعلنه مدير قسم الإعلام والعلاقات العامة في الجامعة حيدر علي في بيان صحافي صدر في أواخر كانون الثاني/يناير.
وتابع "بالإضافة إلى الحرب العسكرية، علينا أن نشن حرباً فكرية بواسطة الكتب ضد كل فكر منحرف نشر الكراهية والتكفير الذي ولدته داعش".