لم يستطع الطالب السابق في جامعة الموصل يوسف الحمداني، حبس دموعه عندما رأى العلم العراقي يرفرف من جديد فوق مبنى جامعته.

وقد أعلنت القوات العراقية في 14 كانون الثاني/يناير أنها عادت تحت مظلة الدولة بعد تحريرها من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).

وقال الحمداني لديارنا إنه كان طالباً في كلية التربية بالجامعة قبل أن أجبر مع آلاف الزملاء إلى ترك دراستهم بعد اجتياح داعش للموصل.

وأوضح "تفقدت الجامعة في 22 كانون الثاني/يناير مع مجموعة من زملائي وصدمنا بحجم الخراب الذي خلفه الإرهابيون. فكان الدواعش يتخذون جامعتنا مركزاً لإدارة عملياتهم الإرهابية وحصناً منيعاً لا يجوز لأحد الدخول إليه أو الاقتراب منه".

وأضاف أنه بعد أن رأى العلم العراقي يعلو مبنى الجامعة مكان راية التنظيم، "بكيت من شدة الفرح"، ذاكراً أنه استعاد بذلك الذكريات السعيدة التي ميزت فترة دراسته.

وأكد "سأتطوع للمشاركة في أية حملة لتنظيف الجامعة من المخلفات وإعمارها"، متأملاً أن يتمكن مع زملائه من استئناف الدراسة بأقرب وقت.

دروس في التدمير

وعقب يومين من القتال الشرس، تمكنت قوات جهاز مكافحة الإرهاب من تطهير الجامعة بالكامل من مقاتلي داعش، علماً أنها تمتد على مساحة أكثر من 20 كيلومتراً مربعاً.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العميد يحيى رسول لديارنا، إن تنظيم داعش حوّل الجامعة إلى قاعدة رئيسية له في الموصل.

وأشار إلى أن تحويل التنظيم للجامعة من صرح علمي إلى مصنع للعبوات الناسفة يعكس "مدى تخلفه وأنه ليس سوى جماعة ظلامية تكره العلم والنور".

وتابع أن القوات العراقية اكتشفت أن داعش أنشأت داخل الجامعة "20 معملاً لتصنيع السيارات المفخخة والعبوات الناسفة".

وأوضح رسول أنه تم استخدام أحد أقسام الجامعة "كمستودع كبير لتخزين الأسلحة والذخائر، فضلاً عن مقر يستخدمه الإرهابيون للاجتماعات وإدارة هجماتهم والتخطيط لها".

ولفت إلى أن القوات العراقية عثرت أيضاً على "كنز معلومات"، بما في ذلك سجلات وخرائط تضم أسماء عناصر داعش وجنسياتهم والأسلحة التي بحوزتهم، إضافة إلى أرقام سرية تحدد مهام كل واحد منهم.

وأعلن رسول أنه تم تسليم هذه الوثائق للاستخبارات العراقية.

إحراق المكتبة

وبدوره، قال حسن العلاف نائب محافظ نينوى لديارنا إن عناصر داعش قاموا أثناء احتلالهم للجامعة بإحراق مكتبتها.

وأشار إلى أن المكتبة كانت تحتوي على آلاف الكتب، إضافة إلى مخطوطات قديمة ونادرة في شتى مجالات المعرفة، بما في ذلك العلم والأدب.

وتابع أن ذلك كان "كارثة كبرى بكل المقاييس".

وأضاف أن "إجرام الإرهابيين بحق هذه المؤسسة التعليمية التي تعتبر ثاني أكبر وأقدم جامعة بالعراق بعد جامعة بغداد، امتد حتى آخر يوم لاحتلاهم".

وذكر أن التنظيم وفي خطوة تحدٍ أخيرة، عمد إلى "إضرام النار في بعض مباني كلياتها ومراكزها البحثية".

وشرح العلاف أن الجامعة التي تأسست عام 1967، تضم 23 كلية و12 مركزاً بحثياً ومكاتب استشارية، فضلاً عن 5 عيادات طبية ومستشفى وستة متاحف وعدداً من المديريات والوحدات الفنية والإدارية.

وقال إنه قبل سيطرة داعش عليها، بلغ عدد طلابها الملتحقين بالدراسات الأولية والعليا 30794 طالباً، فيما بلغ عدد المدرسين 4281 مدرساً.

عودة الروح إلى مدينة الموصل

ولفت العلاف إلى أن داعش حوّلت الجامعة إلى مقر رئيسي لها في شرق الموصل بعدما أصبح من الواضح أن الطلاب لن يعودوا إليها تحت حكم التنظيم.

وتابع "تحولت الجامعة بمرور الوقت إلى معقل كبير للإرهابيين"، مشيراً إلى أن مقاتلي داعش استخدموا المختبرات والأجهزة الموجودة في كليتي العلوم والهندسة لتصنيع السيارات المفخخة والمتفجرات.

والآن، بعد أن تم طرد التنظيم من الحرم الجامعي، أكدت حكومة نينوى المحلية أنها ستبذل ما بوسعها لإعادة تأهيل الجامعة وتمكين الطلاب من استئناف دراستهم.

ومن جانبه، ذكر دريد حكمت مستشار محافظ نينوى أن ما تعرضت له جامعة الموصل من دمار وتخريب على يد داعش يعد "عملاً همجياً وبربرياً".

وأوضح لديارنا أن "هذه الجامعة كان لها الفضل في تخريج آلاف العلماء والبحّاثة وقدمت للعراق والعالم دراسات علمية وإسهامات متميزة في كافة التخصصات".

ونوّه حكمت بأن إعادة تأهيل الجامعة سيتطلب جهوداً كبيرة من الحكومة التي سيتوجب عليها تقييم حجم الأضرار وتحديد متطلبات إعادة الإعمار.

وشدد على أن "إعادة إعمارها تعني عودة الروح إلى مدينة الموصل".