في قاعدة الحبانية العسكرية شرق مدينة الرمادي، ينتظر مصطفى الدليمي مع مئات عناصر الأمن السابقين، دوره لإتمام معاملات عودته إلى سلك الشرطة.
وبعد عفو صدر في 27 كانون الأول/ديسمبر الماضي عن قيادة شرطة الأنبار، قدم مئات عناصر الشرطة الذين تركوا الخدمة بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) على المحافظة، طلبات للعودة إلى وظائفهم السابقة.
وأكد الدليمي في حديث لديارنا أن القرار هو "بمثابة طوق نجاة" له ولعائلته.
وأضاف "نحمد الله. هذه الخطوة أدخلت الفرحة في قلوبنا بعد طول عناء. بعد انقطاعي عن الوظيفة وتوقف راتبي عشت مع عائلتي ظروفاً معيشية سيئة".
وتابع "كنّا مهجرين وبلا عمل. اضطررت إلى بيع كل ما أملك حتى نعيش".
وفي هذا السياق، أوضح العميد أياد أحمد حميد رئيس اللجنة المكلفة بإرجاع منتسبي الشرطة في قيادة شرطة الأنبار، أن قرار العفو جاء حسب توجيهات وزارة الداخلية وقائد الشرطة في محافظة الأنبار اللواء هادي كسار رزيج.
وقال لديارنا إن القرار "يشمل جميع عناصر شرطة الأنبار السابقين الذين انقطعوا عن الدوام منذ تاريخ 1 كانون الثاني/يناير 2014 وتم تصفير مرتباتهم واعتبارهم هاربين من الخدمة".
وأشار حميد إلى أنه فور الإعلان عن القرار، تم تشكيل لجنة برئاسته تأخذ على عاتقها تسجيل أسماء العناصر المشمولة بالقرار والتدقيق في معلوماتهم في قاعدة بيانات قيادة الشرطة.
وقال إنه بعد اكتمال هذه العملية، سيُسمح لهم بالالتحاق مجدداً بوظائفهم.
تثبيت دعائم الأمن والاستقرار
وشدد على أن "إجراءات تنفيذ القرار تجري بسلاسة".
وأشار إلى أن "اللجنة والقوات الأمنية في قاعدة الحبانية تنفذ واجباتها على أكمل وجه ليتمكن المنتسبون المستفيدون من العودة للخدمة سريعاً ويشاركوا مع بقية إخوانهم في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في عموم مدن الأنبار".
وبدوره، أوضح عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الأنبار، لديارنا أن القرار اتخذ بعد مشاورات ولقاءات عدة عقدها مجلس المحافظة مع قيادة شرطة الأنبار ومسؤولين حكوميين.
وأضاف "كنا ندعو وفي أكثر من مناسبة إلى سرعة اتخاذ ذلك الإجراء لضروراته الملحة على مستوى دعم استقرار المحافظة وسيادة القانون".
وقال الفهداوي إن العفو يعكس وقوف المحافظة إلى جانب شريحة واسعة من أبناء الأنبار وإنهاء معاناتهم عبر إعادة الوظائف إليهم.
وتابع أنه بعد الانهيار الأمني الذي شهدته الأنبار، لا سيما عقب احتلال الدواعش للرمادي في نيسان/أبريل 2015، انشغل الكثير من منتسبي الشرطة بتأمين حياة عائلاتهم من خطر قتلهم على أيدي الإرهابيين".
ولفت إلى أنه نظراً لهذه الظروف توقف كثيرون عن العمل.
وقال إنهم بعد أن تمكنوا من إيجاد ملاذات آمنة لعائلاتهم، أرادوا العودة إلى وظائفهم لكنهم تفاجأوا بتصفير رواتبهم وإنهاء خدمتهم.
وأعرب الفهداوي عن أمله بأن يتم استيعاب جميع عناصر الشرطة المبعدين عن الخدمة ممن لم يسجل عليهم أي انتهاك أمني، للاستفادة من طاقاتهم في المحافظة.
تعزيز صفوف الشرطة
ومن جانبه، أكد راجع بركات العيفان وهو عضو في اللجنة الأمنية بمجلس محافظة الأنبار لديارنا، أن قرار العفو يشمل جميع عناصر الشرطة الهاربين من الخدمة عقب اجتياح تنظيم داعش للأنبار.
وذكر "من المتوقع أن يستفيد منه [من القرار] ما لا يقل عن عشرة آلاف منتسب سابق لشرطة الأنبار من أهالي مدن المحافظة كافة من دون استثناء".
ولفت العيفان إلى أن "شرطة الأنبار تضم اليوم نحو 16 ألف منتسب وهذا العدد من عناصر الشرطة لا يكفي لحماية محافظتنا التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة العراق وفيها صحراء شاسعة وحدود طويلة مع دول الجوار".
وقال إن إرجاع أولئك المنتسبين السابقين يعني إعادة تشكيل نحو 20 فوجاً.
وأوضح أنه سيتم زج هذه الأفواج في مراكز الشرطة ونقاط التفتيش لمساندة جهود الأمن والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، لا سيما في المناطق المحررة من داعش .
وأضاف أنه، إلى جانب تعزيز الأمن، سيكون لتلك الخطوة أيضاً أثر كبير في سرعة طرد داعش من معاقلهم الأخيرة في غرب الأنبار.