أظهرت الحملة العسكرية لتحرير الموصل من تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) توحد العراقيين خلف قواتهم الأمنية، وفق ما قال مسؤولون لديارنا.
وفي ناحية القيارة القريبة من الموصل والتي حررت في آب/اغسطس من داعش يقدم ماهر نجم، 42 عاما، من سكان الناحية منذ أسابيع الطعام لعناصر الشرطة الذين فتحوا نقطة حراسة قريبة من بيته.
وقال لديارنا "استقبلناهم (الشرطة) كأنهم أهلنا ونعيش معهم كأخوة متحابين". وتابع "كلنا عراقيون وتراب هذا الوطن يجمعنا ولن يفرقنا الإرهاب بعد الآن".
وشدد "الدواعش أرادوها معركة طائفية وقومية وحاولوا تخويفنا من قواتنا المحررة، لكننا التففنا حولها وكسرنا مراهناتهم وأظهرنا وحدتنا وتماسكنا".
ويؤكد عبد الرحمن الوكاع، عضو مجلس محافظة نينوى إن إحدى أهم نتائج معركة الموصل، أنها عززت الوعي الشعبي بأهمية التوحد ضد عدو واحد.
ورأى أن ما جرى من انتهاكات على يد داعش طالت الجميع دلالة واضحة على إن الإرهاب لا يمثل مكونا أو دينا بعينه.
وتابع الوكاع حديثه لديارنا "عندما احتلت داعش الموصل حاولت خطب ود السكان بأنها جاءت لإنقاذهم وإنها تمثلهم والمدافع عن حقوقهم. وهناك من خُدع بخطابها".
"ولكن الناس سرعان ما اكتشفوا حقيقة ذلك التنظيم من خلال مجازره التي ارتكبها ضد كل الطوائف والأقليات العراقية و جرائمه بحق تراثهم وحضارتهم ، وأنه ليس سوى جماعة إرهابية تسعى للخراب والظلام"، وفق ما ذكر.
وأضاف أنه ومع بدء عمليات التحرير، انبرى السكان لنصرة قواتهم ضد داعش وأكدوا على انتمائهم الوطني "وأنهم مع سلطة القانون والدولة ومع وحدة النسيج الاجتماعي العراقي".
وحدة وطنية
ولفت الوكاع إلى أن صورة التكاتف ظهرت منذ الأيام الأولى لاحتلال تنظيم داعش عندما نفذ حملات اعتقال وإعدام للعشرات من شبان الموصل الذين نددوا ب جرائم عناصره ضد أخوانهم الإيزيديين والمتاجرة بنسائهم.
"وتتجلى اليوم الوحدة الوطنية بشكل واضح في المناطق والأحياء المحررة من الموصل حيث فتح السكان بيوتهم لقوات الجيش والشرطة".
ويتعاون السكان مع القوات الأمنية ويتقاسمون الطعام من "دون أن يسأل أحدهم الآخر لأي طائفة أو دين أو عرق ينتمي فالكل عراقيون وأخوان".
ويرى لقمان الرشيدي عضو مجلس محافظة نينوى أن داعش فشلت فشلا ذريعا في إحداث شرخ بين أبناء المجتمع الموصلي المعروفين منذ مهد التاريخ بتعايشهم السلمي.
وذكر لديارنا "هذا التنظيم جلب الدمار لكل العراقيين ولم يسلم من جرائمه أي أحد، فمن لا يتفق معه أو لا يناصره فهو بنظره كافر أو مرتد ويتوجب قتله".
ولفت إلى أن السكان المحاصرين بالموصل كانوا دائما يظهرون تعاطفهم مع الضحايا تجاه أي عمل عدائي يقوم به عناصر التنظيم ضد أخوانهم من كل الأديان والعرقيات، وكانوا لا يخشون من إظهار ذلك التعاطف علانية.
"وهناك الكثير من المقابر الجماعية المكتشفة في نينوى لضحايا قتلتهم داعش اختلط فيها الدم العراقي"، بحسب ما قال.
طي صفحة الارهاب
وأكد الرشيدي "الآن وبعد تحررهم من سلطة الإرهاب، عاد السكان لممارسة شؤونهم الحياتية في جو عام يسوده الإخاء والتآلف والتنسيق المشترك بينهم وبين القوات الأمنية".
وتابع "الأهالي يتعايشون اليوم بسلام وكلهم حماس على إعادة بناء مناطقهم وإغلاق صفحة الإرهاب للأبد".
من جانبه، قال سيدو حسين التاتاني عضو مجلس محافظة نينوى لديارنا إن مساندة العراقيين بكل أطيافهم لمعركة تحرير الموصل وللقوات المحررة صعقت تنظيم داعش.
وتابع "هذه المعركة كشفت عن توجه شعبي ووطني مناوئ لداعش ولكل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء ودعم ذلك التنظيم وعاونه على ارتكاب جرائمه الشنعاء وتسبب في إيذاء الناس".
وشدد التاتاني على أن الحرب ساهمت أيضا في تقريب الفرقاء السياسيين واتفاقهم على مواجهة الإرهاب معا، وإن داعش هي عدو مشترك ولابد من قتالها بجهد جماعي.
وأضاف "قوات التحرير تضم حاليا كل المكونات العراقية. هناك الجيش وقوات الشرطة الوطنية والبيشمركة وأبناء العشائر والمسيحيين والإيزيديبن". واستدرك "وهذا التكاتف هو بحد ذاته نصر".