قال اقتصاديون لموقع ديارنا إن إيران تسعى إلى توسيع نطاق نفوذها في سوريا عبر القنوات الاقتصادية، مع تعزيز جهودها لبسط نفوذها العسكري بواسطة الحرس الثوري الإسلامي الإيراني والميليشيات التابعة له.
وأكدوا أن هذه السيطرة الاقتصادية تشكل خطراً بالغ الأهمية على سوريا والسوريين، ذلك أنه بات للنظام الإيراني نفوذ في كافة المجالات الاقتصادية والاستثمارية والمالية في البلاد التي دمرتها الحرب.
وحذروا من أن يصبح من المستحيل حلّ العلاقة بين البلدين عند انتهاء الحرب، الأمر الذي قد يسبب كارثة للاقتصاد السوري على المدى الطويل.
في هذا السياق، قال المحامي السوري بشير البسام المقيم في القاهرة، إن " مشروع إيران القاضي بإقامة ʼسوريا المفيدةʻ هو فعلاً مفيد لكن ليس لسوريا بل لإيران نفسها".
وأضاف لديارنا "من يراقب التمدد المالي والاقتصادي والاستثماري الإيراني في سوريا يعلم تماماً أن ثمة خطة إيرانية للسيطرة على المقدرات الاقتصادية السورية".
وأوضح أن الأمر لا يتعلق فقط بشركات البناء التي برز دورها مؤخراً في عملية إعادة إعمار المناطق المحيطة بمدن كدمشق وحمص، بل يمتد إلى معظم النواحي الاستثمارية.
في هذا الإطار، قال شاهر عبد الله أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس إنه على سبيل المثال، الشركات المملوكة من الحرس الثوري الإيراني تسيطر حالياً على معظم موارد الطاقة في سوريا.
وأوضح أن هذه الشركات تعمل على تركيب المولدات ومحطات التوليد المائية وتلك التي تعمل بالغاز الطبيعي، في مختلف أنحاء سوريا، هذا بالإضافة إلى أعمدة الكهرباء العادية وأبراج التوتر العالي وصولاً إلى العدادات والأعمدة الكهربائية الخشبية حتى.
وذكر عبد الله أن محطات توليد الطاقة التي جهزتها بالكامل شركات إيرانية، تشمل محطات جندر 2 وجندر 3 ومحطة تشرين.
يًذكر أن الاحتكارات الإيرانية في قطاعات كالكهرباء ستعقد الأمور فور انتهاء الحرب.
شركات الحرس الثوري الإيراني
وأضاف عبد الله أن "معظم الشركات الإيرانية التي تعمل داخل إيران وخارجها وعلى الأخص في سوريا وعددها كبير جداً، يديره الحرس الثوري الإيراني الذي يعمل بطريقة الشركات القابضة".
وشرح أن هذه الشركات التي تنتشر بأسماء متعددة، تعمل على التمويه وتضمن انتشار النفوذ الإيراني.
وتابع أن من أبرز شركات الحرس الثوري الإيراني شركة الاتصالات الإيرانية وبنوك كارجوشي والمستقبل والعريان وملي إيران ومهر والأنصار في القطاع المصرفي.
وفي قطاع البناء، يعتبر تكتل قاعدة بناء خاتم الأنبياء من الشركات التي تستحوذ على العدد الأكبر من الشركات التي تعمل في سوريا، حسبما ذكر عبد الله.
وأشار إلى أنه في قطاعي النقل والطيران، تشمل الشركات الإيرانية المهمة شركتي ياس وابان للخطوط الجوية. أما في قطاع المحركات والسيارات، فزاد الحرس الثوري من حصته في شركة خوردو بعد أن باع حصصه في شركة بهمن للتهرب من العقوبات الدولية.
وبالنسبة لاتفاقيات النفط والغاز الطبيعي والطاقة المعقودة مع سوريا، فقال عبد الله إنها "تمر أيضاً عبر شركات تابعة للحرس الثوري الإيراني كشركة النفط الوطنية وشركة النفط والغاز الفارسية وشركة شيراز للبتروكيماويات وشركة كرمنشاه للصناعات الكيميائية".
نفوذ
من جانبه، قال شيار تركو وهو طالب يحضّر رسالة دكتوراه في جامعة القاهرة حول طرق تمويل الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، إنه في الواجهة تبدو الاستثمارات الإيرانية في سوريا للمراقب العادي "كأنها عمليات تجارية استثمارية عادية".
وأوضح لدريارنا أنه تمت تغطية هذه الأنشطة بواسطة اللجنة السورية الإيرانية المشتركة ومجلس رجال الأعمال المشترك وغيرها من الواجهات الإعلامية التي توحي بأن كل شيء يتم من خلال رجال الأعمال ومجموعات المستثمرين.
ولكنه أكد أن الحقيقة أبعد من ذلك.
ولفت إلى أن إيران دأبت وخصوصاً منذ اندلاع الحرب في سوريا، على دعم النظام السوري بالقروض والهبات من أجل تعويض الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها البلاد.
وتابع "مثلاً القرض البالغ 3 مليارات و600 مليون دولار والذي حصلت عليه دمشق، نالت طهران مقابله موافقة سورية على دخول عشرات الشركات [الإيرانية] وفي مجالات مختلفة إلى الاسواق السورية، ومن بينها شركات الصرافة".
توسع ʼسوريا المفيدةʻ
وأشار المحامي البسام إلى أن المشروع الإيراني في سوريا يشمل تشكيل حزام سكاني حول المناطق ذات الغالبية العلوية والتي يسيطر عليها النظام الحاكم في دمشق.
وأضاف أنه تم إنجاز بعض الأقسام السكنية في تلك المناطق وتم إسكان مدنيين لبنانيين وأفغان وسوريين فيها.
وتابع البسام أن "رامي مخلوف وهو أحد أقرباء الرئيس السوري، ومن خلال شركاته العقارية، سعى منذ فترة إلى الحصول على معظم الأعمال التجارية في مناطق دمشق والقلمون والغوطة، حيث تشير التقارير المؤكدة إلى أن بعض رجال الأعمال السوريين يساهمون ببعض شركات مخلوف ومنهم عبد القادر صبرا وأيمن جابر".
ومن الشركات العاملة في هذه المناطق والمملوكة بأكثرية أسهمها لمخلوف، شركات صروح والفجر والبتراء والحدائق وبنيان الشام وآر. أي. سي. وراماك.
وذكر أن "هذه الشركات قامت بالاستحواذ على كامل هذه المناطق من مالكيها الأصليين بطرق مختلفة".
وأشار إلى أنه "تم إفراغها تماماً من المواطنين المنتمين للطائفة السنية وأصبح جميع من يسكن هذا الحزام [السكاني] ليس فقط من الطائفة الشيعية أو العلوية بل من الشيعة المؤمنين فقط بولي الفقيه، وذلك لضمان الولاء التام للمشروع الإيراني في سوريا".
وأضاف البسام أن "مخلوف دخل بشراكات مع شركات إيرانية أبرزها شركة خاتم الأنبياء المملوكة بالكامل من قبل الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، حيث تقوم شركة خاتم الأنبياء بتوزيع الأعمال على بعض الشركات الإيرانية الصغيرة والتي بدورها تتبع للشركة الأم".
وقال إن ذلك حوّل هذه المناطق إلى "خلية نحل تعج بالإيرانيين" وتشمل العمالة الإيرانية والأفغانية التي تم استحضارها للعمل في هذه المواقع.
وقال إن حتى حراس هذه المناطق هم من المليشيات التابعة مباشرةً للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، ولا سيما ميليشيا حزب الله اللبنانية التي "يبدو أنها حصلت على حصتها من هذه المناطق السكانية لإسكان عدد من مقاتليها الذين تم نقلهم من لبنان".
ولفت البسام إلى أن هذه العمليات الجارية "من شأنها بالطبع تغيير وجه سوريا الحضاري بالإضافة إلى تغيير التركيبة الديموغرافية من خلال إبعاد مكون أساسي من الشعب السوري".
وأضاف أن "هذه المناطق كغيرها من المناطق السورية كانت مختلطة بين العلويين والسنة وشهدت نهضتها على مدى عقود بسبب هذا الاختلاط".
وختم قائلاً إن "الأمر يختصر حالياً بأن دمشق المستقبل ستكون محمية بأسوار من المجمعات السكنية من مكون واحد" مع منع دخول المكونات الأخرى إليها.
إن المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية ستتخلص وحدها وقريبا من الهيمنة التركية والإيرانية والروسية، إذ أن الأهالي والشركات المحلية هم الذين ينفذون جميع الأعمال المرتبطة بعملية إعادة الإعمار. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تتبرع ببعض المعدات الثقيلة، إلا أن كل الخطط والأعمال يضعها وينفذها السكان المحليون. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات الكبيرة والبيروقراطيين لا علاقة لهم بهذه الأعمال، ولن يجمعوا الثروات من الجهود التي يبذلها السكان المحليون لإعادة بناء بيوتهم ومدنهم واقتصادهم. الناس يفرون من دولة "أسدستان" (في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد) إلى مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حيث يرحب بهم إذا ما كانوا قادرين على الاندماج.
الرد4 تعليق
ينبغي على سوريا أن تكون سعيدة جدًا بحقيقة أن الحرس الثوري الإيراني يساعدهم! فسوريا لم تكن حتى قادرة على مقاومة العدو. فكيف يمكنها إعادة بناء اقتصادها؟ يلزم أن تعتبروا أنفسكم محظوظين للغاية لأن الحرس الثوري يقوم بإعادة بناء أنقاض سوريا.
الردإن المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية سعيدة جدا بعدم وجود الإيرانيين، إذ أن أهلها يفضلون تنفيذ الأعمال بأنفسهم.
الرد4 تعليق
مرة قال لي أحد الأسرى العراقيين العائدين من ايران ..أني بعد 18 سنة في الأسر عرفت ان النظام الايراني يفكر بشكل حداثي معاصر للواقع غير ما يظنه الجهلة والفاشلين من اذلاء التابعين له !!الساسة هناك لهم ستراتيجية البحث عن السوق والتصدير والانتاج كالدول الغربية ولايهمهم كثيرا قضايا الدين الا حين يلتقون ببعض العرب وخاصة العراقيين والسوريين واللبنانيين !!
الرد4 تعليق