في 12 أيلول/سبتمبر، أول أيام عيد الأضحى، نشر تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) مقطع من فيديو يظهر فيه مقاتلون من التنظيم يذبحون 19 "جاسوسا" مفترضا في مدينة دير الزور في سوريا وتعليقهم في أحد المسالخ المخصصة لذبح المواشي، كما يفعل الجزارون بالخراف.
وفي الفيديو، يدعي التنظيم أن المواطنين الذين تم اعدامهم يتبعون لشخص يُدعى حيدر محمد العبد الله، مقيم في تركيا.
وزعمت داعش أن العبد الله كان أمنيا في جبهة النصرة، التي تعرف الآن بفتح الشام، ثم في احدى المليشيات الكردية، ثم عميلا للتحالف الدولي.
ووصف أحد نشطاء الرقة تذبح بصمت الفيديو بأنه "الأسوأ" على الاطلاق.
تدنيس عيد إسلامي
وقال رجل الدين الازهري الشيخ عبد المنعم محمد امام مسجد النور في المعادي، "إن تنظيم داعش يؤكد مجددا انه يخالف كل القيم الانسانية والدينية".
وأضاف أنه تنظيم لا يرى إلا الدماء امامه "ولا فرق عنده بين مسلم وغير مسلم طالما انه يقوم باراقة الدماء".
وشدد على أن الفيديو الذي أصدره بمناسبة عيد الاضحى فهو تدنيس متعمد للعيد وطقوسه التي يقوم بها المسلمون منذ مئات السنين.
وأردف " فمجرد تشبيه الانسان بالحيوانات هو سقطة كبيرة وأمر لا يغتفر، خصوصا وأن طريقة ذبح المواطنين أتت مماثلة لطريقة تقديم الاضاحي".
وتابع "فليس من شعائر وشيم الاسلام تقديم الاضاحي البشرية"، معتبرا أن الامر هو تعمّد لتشويه الاسلام وطقوسه.
وذكر أن "داعش تتعمد سلب الفرح من المواطنين المتواجدين في مناطق سيطرتها، فقد سبق لها في السنوات الماضية بان منع صلاة العيد [التراويح] وكل شعائر الفرح".
وأشار حمد إلى أن الكثير من الأئمة أشاروا إلى الحادثة خلال خطب ايام العيد وأكدوا "وحشية التنظيم" وموقف دار الافتاء المصري الرافض له ولفكره.
وأصدر مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الافتار بيانا منددا بالفيديو، ومؤكدا بأنه الشريعة الاسلامية وفقا للشريفعة فإن "قتل نفس واحدة كقتل جميع البشر" .
إرهاب سكان دير الزور
محمود نادر الناشط من حملة "دير الزور تحت النار"، وهي حملة إعلامية على مواقع التواصل تقوم بتوثيق تعديات داعش في المنطقة، والذي فضل استخدام اسم مستعار خوفا على سلامته، قال لديارنا إن التنظيم يسعى من خلال هذه "العملية البشعة" يحاول ضبط الامور في المحافظة بإرهاب الاهالي بعد الانتكاسات التي عاناها.
واعتبر أن "داعش تنسحب من الكثير من المناق التي كانت تتواجد فيها".
وأوضح أن أهالي دير الزور معروفون بتبعيتهم الرينة، لا سيما وأن التنظيم بدأ في الأونة الآخيرة بتجنيد أبنائهم مما أجبرهم على تهريب شبابهم إلى خارج المحافظة.
وهذا ما سبب القلق لدى التنظيم، لا سيما وأن عشيرة العكيدات وباقي العشائر التي تدعمها بدأت في الآونة الاخيرة بالانشقاق عن التنظيم.
وقال نادر إن "من أبرز المنشقين مؤخرا محمد وكريم الرفدان من أبناء عشيرة العكيدات، واللذان كانا قد اجبرا على القتال في صفوف التنظيم وكان لهروبهما اثر كبير بين الأهالي".
وفي آب/أغسطس 2014، أعدمت داعش نحو 700 عنصر من عشيرة الشعيطات في أبو همام والكشكية وغرانيج بعد أن انتفضت عشيرتهم ورفضت إعلان وفائها للتنظيم.
الحزن يحل محل الاحتفالات
أما علي سعيد من مدينة الميادين ويعمل بالتجارة، والذي فضل استخدام اسم مستعار خوفا على سلامته، فقال لديارنا إن الاصدار الاخير لتنظيم داعش "سرق فرحة العيد من الاهالي الذين هالهم المناظر، فاختفت مظاهر العيد".
وأضاف أن مظاهر العيد اضمحلت وساد الحداد في معظم مناطق دير الزور، لا سيما وأن الذين قام داعش باعدامهم هم من عشائر وعائلات مختلفة ومعظمهم معروف في المنطقة.
وأكد سعيد أن "المنطقة تشهد نقمة كبيرة من الأهالي ضد التنظيم"، مشيرا إلى أن توقيت عملية الاعدام كان له اثره الكبير ايضا اذ سيظل مرتبطا بذهن الاهالي لفترة طويلة.
وتابع بالقول إن "عملية الاعدام هذه تضاف إلى الظلم الكبير الذي يتعرض له الأهالي من قبل عناصر التنظيم مع التضييق الكبير عليهم ماديا ومعنويا".
ولفت إلى أن الكثير من تجار المنطقة اعلنوا افلاسهم وقسم آخر فضل الخروج من المنطقة وانقاذ عائلته وما تبقى معهم من اموال.
وأضاف أن التنظيم قام بمصادرة أملاك كل الهاربين وقام بتأجير المحلات التجارية لصالحه واسكن عناصره الوافدين من المناطق التي انسحب منها مؤخرا فيها مع عائلاتهم.
وختم قائلا "إن التنظيم حوّل بعض تلك المنازل خصوصا داخل المدينة إلى مراكز أمنية تابعة له".