قال خبراء تحدثوا لديارنا إنه مع أن النظام الإيراني لا يزال يبقي تورطه في الصراع السوري سرياً، إلا أن أدلة جديدة ظهرت عن تدخله المتزايد فيه.
وأضافوا أنه مع اقتراب الحرب من عامها السادس، عززت إيران بسرية عدد القوات التي تقاتل وتدعم النظام السوري تحت قيادة الحرس الثوري الإسلامي.
وقال محمد البيك الناشط في اللجنة التنسيقية في الغوطة الشرقية في دمشق، إن "المعلومات التي ترد من العاصمة دمشق تؤكد وجود مقر سري كبير يقوم بإدارة العمليات الخاصة بالفرق التابعة للحرس الثوري الإيراني والفرق المتحدرة من جنسيات مختلفة".
وأوضح لديارنا أن هؤلاء المقاتلين يأتون من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان والصين.
وأضاف أنه إلى جانب مركزها الرئيسي في دمشق، لإيران "بعض المكاتب والمراكز المنتشرة في أكثر من منطقة"، بما في ذلك مركز السيدة زينب في محافظة دمشق ومركز اللاذقية ومركز بانياس في محافظة طرطوس.
وتعكس ادعاءات البيك تلك التي ذكرها تقرير نشره موقع الديلي ميل، وتحدثت عن قاعدة تعود للقوات الإيرانية في سوريا.
وبحسب التقرير، يتم الإشراف على الجماعات المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني من مقر رئيسي قريب من المطار في دمشق، يُستخدم أيضاً لتخزين الأموال المنقولة من طهران بالإضافة إلى إدارة العمليات الاستخبارية ومكافحة التجسس.
وقدّر التقرير عدد عناصر هذه القوات المدعومة من إيران والتي تقاتل في سوريا بـ 60 ألف عنصر، 15 ألف منهم من الجنسية الإيرانية و45 ألف منهم من جنسيات أخرى.
دليل بوجود قوات مرتزقة إيرانية
وأشار البيك إلى أن خلال المعارك في سوريا، اعتقلت الجماعات المعارِضة العديد من العناصر المرتزقة التابعين لإيران، وتمكنت من توثيق جثث المقاتلين المقتولين المدعومين من إيران في تسجيلات فيديو.
وذكر البيك أنه كان يواكب كتائب الفاروق، وهي جماعة مسلحة كانت تحارب تحت مظلة الجيش السوري الحر، عندما اعتقلت وحدة من الحرس الثوري الإيراني في ريف دمشق.
وأوضح أن المجموعة كانت مؤلفة من ضابط وخمسة أفراد، مضيفاً أنه سمع اعتراف الضابط بوجود مركز قيادة كبير للحرس الثوري الإيراني في دمشق.
وتابع أن الضابط لم يستطع تحديد مكان المركز لجهله أسماء المناطق في سوريا، ولكنه كشف أن المقر يضم مجموعة كبيرة من الضباط الإيرانيين من مختلف الرتب والاختصاصات.
وذكر البيك أنه تم رصد مجموعات مختلفة تابعة لإيران على الأرض بعد وخلال المعارك، ومن خلال مراقبة مراسلات وحسابات إلكترونية، لا سيما لدى الإعلان عن مقتل العناصر.
تدخل طائفي
بدوره، اعتبر الصحافي السوري محمد العبد الله المختص بتوثيق أحداث الصراع السوري، أن "تواجد الحرس الثوري الإيراني في دمشق وباقي المناطق السورية لا هدف له إلا التدخل المباشر بالشأن السوري والاصطفاف إلى جانب النظام القائم وضمان بقائه لضمان بقاء مصالح الحرس الثوري في سوريا".
وأوضح العبد الله في حديث لديارنا أن التدخل الإيراني في سوريا ودول أخرى في المنطقة يأخذ "شكل التدخل الطائفي"، شارحاً أن التشكيلات العسكرية تدخل بحجة الدفاع عن المقامات المقدسة والمزارات.
وقال إن هذه التعبئة بدأت في لبنان والعراق لتتوسع إلى دول أخرى مثل باكستان وأفغانستان.
وأشار إلى أن هذا الحشد الكبير للمرتزقة المتحدرين من الطائفة الشيعية واجهها بطبيعة الحال حشد آخر لدى الطائفة السنية، "حيث تتخذ العمليات العسكرية وجهاً طائفياً بامتياز في بعض المناطق".
وأضاف أنه تم إطلاق تسميات دينية طائفية بامتياز للفرق العسكرية التابعة للحرس الثوري وذلك لتأكيد هويتها الطائفية.
جماعات بقيادة الحرس الثوري
من جانبه، قال فتحي السيد الباحث المتخصص بالشأن الإيراني في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، إنه من غير المفاجئ أن يكون للحرس الثوري الإيراني مركز قيادة كبير في دمشق.
وأكد لديارنا أن المعلومات تبدو منطقية "رغم بعض التساؤلات حول كيفية تسريب المعلومات المتعلقة بشكل ومساحة المركز".
واعتبر أنه من الممكن جداً أن تكون "قيادة الحرس الثوري الإيراني قد سمحت بتسريب هذه المعلومات أو بعضها على الأقل لإثبات وجودها".
وذكر السيد أن المجموعات الإيرانية المتواجدة في سوريا تشمل فيلق بدر والحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى تواجد إيراني مكثف في بعض الفصائل العراقية كلواء أبو الفضل العباس وعصائب أهل الحق.
ولفت السيد إلى أنه رغم العدد الكبير من المرتزقة التي استطاعت تجنيده للقتال في سوريا، لم تعمد إيران إلى تشكيل مجموعات من جنسيات مختلفة.
وأوضح أن ذلك كان لضمان عدم التوتر بين المجموعات وضمان إحكام السيطرة عليها، مضيفاً أن على رأسها ضباطاً من الحرس الثوري الإيراني يديرون العمليات العسكرية ويتواصلون مع القيادة الإيرانية في دمشق.