أخبار العراق
مجتمع

مضايا السورية تحت الحصار المستمر والسكان ’هياكل عظمية‘

نهاد طوباليان من بيروت

امرأة وطفل يمشيان عند أطراف بلدة مضايا السورية المحاصرة في 11 كانون الثاني/يناير بعد إجلائها. [لؤي بشارة/ أ ف ب]

امرأة وطفل يمشيان عند أطراف بلدة مضايا السورية المحاصرة في 11 كانون الثاني/يناير بعد إجلائها. [لؤي بشارة/ أ ف ب]

فرضت قوات النظام السوري وحزب الله منذ عامين حصارا على بلدة مضايا مما أدى إلى نقص حاد بالأغذية، والأدوية، والرعاية الطبية الضرورية التي يحتاج إليها السكان.

وشهدت البلدة خلال الحصار المستمر وفاة أكثر من 60 شخصاً، اغلبهم من الأطفال بسبب الجوع، وسوء التغذية، بحسب ما قال أطباء في مضايا للمشارق.

وقالت أمينة يوسف الشماع للمشارق "نعيش منذ عامين بحصار مطبق، ومن قلة الموت".

وأضافت "لا يسمح بإدخال المواد الغذائية لمضايا. لا نأكل سوى الأرز والبرغل، نظراً للأسعار الخيالية للخضار والفاكهة واللحوم".

وذات يوم قبل شهر، شعرت الشابة نسرين الشماع – 22 عاماً – ابنة أمينة، بألم شديد بالبطن وهي تتناول طعام الغداء. فقامت العائلة بنقلها إلى مستشفى ميداني بعد أن اشتد ألمها حيث كشفت التحاليل المخبرية أنها تعاني سوء التغذية ونقصاً في الكالسيوم.

لم تفلح الأدوية المسكنة المتوفرة بالبلدة المحاصرة، من التخفيف من ألمها وسرعان ما ساءت حالتها الصحية. فأصيبت بشلل نصفي، وبالعمى، وفقدت حاستي النطق والسمع.

نسرين الشماع هي من بين 18 حالة مستعجلة نقلها الهلال الأحمر، بإشراف الأمم المتحدة، يوم 19 آب/أغسطس.

وتابعت أمينة "ترقد ابنتي وحيدة بستشفى بدمشق"، وقد أبلغها الأطباء عبر الهاتف ان هناك صعوبة بشفائها.

وقالت "لو لم نكن محاصرون، لكان العلاج متوفراً كما الادوية والغذاء، ولكانت نسرين تهتم بابنتها ريماس"، "لكنها اليوم، معلقة بين الحياة والموت".

وضع متدهور

ووصف محمد درويش، وهو طالب انقطع عن إكمال تخصصه بطب الأسنان، الأوضاع الطبية بالمتدهورة جداً.

وقال إن البلدة التي يعيش فيها أكثر من 40 ألف نسمة تحت الحصار تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وإرتفاع فاحش بأسعار الغذاء الصحي، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض، ووفاة عشرات الأشخاص شهرياً.

وأضاف "تحول أبناء مضايا إلى هياكل عظمية، تسير على الطرقات من دون تركيز، للنقص الحاد بأجسادهم للفيتامينات والأملاح والبروتين".

وأوضح "لدينا أكثر من 500 مريض يعانون نقصاً بالكالسيوم، من بينهم 75 طفلاً بمرحلة بلوغ الأسنان والمشي. نقدم لهم بدائل دوائية، لكنها لا تفي بالحاجة".

درويش الذي لم يتمكن من إنهاء العام التخصصي الأخير له نتيجة الحصار، يدير المستشفى الميداني إلى جانب طبيبين لم يكملا بدورهما تخصصهما، الأول بطب الأسنان والثاني بيطري.

وأشار "وجدنا أنفسنا معنيين بتأمين الحد الادنى من الرعاية الصحية". وأضاف أن الحالات المرضية تستدعي أطباء اختصاصيين وأكاديميين. "ولأن ذلك غير متوفر، نتواصل عبر التواصل الاجتماعي مع اختصاصيين لمعالجة حالات مستعصية علينا"، وفق ما أكد.

ورأى درويش ان "ما نتعرض له من حصار هو عمل لا انساني. ولا يرضى به أي ضمير. المواطنون محرومون من كل شيء".

وتساءل "لم محكوم على أطفالنا الموت جوعاً وعدم تلقيهم العلاج؟"

وقال "لم أعد أتحمل موت الأطفال"، مستذكراً آخرهم الطفلة التي توفيت بعد 6 ساعات من ولادتها، لعدم توفر الحاضنة والدواء المناسب لها.

تعنت حزب الله

من جانبه، أكد المسعف احمد عبد الوهاب، 24 عاماً، أن الوضع بمضايا "مأساوي جداً" بسبب تعنت حزب الله.

وأضاف للمشارق "نواجه كمسعفين، مشقة كبيرة في اسعاف المصابين، والمحرومين، ومن يعانون مشاكل صحية، بسبب النقص الحاد بمعداتنا".

عبد الوهاب الذي أسس شبكة اغاثة سوريا، ومنظمة السراج للتنمية والرعاية الصحية، حاول معالجة نسرين الشماع لكنه شعر بالـ "عجز" نظراً للأدوية المتوفرة.

وأضاف "لم نستطع اعطاء نسرين سوى الكورتيزون 4 مرات باليوم، علماً انها جرعة تعطى [بالعادة] كل ستة أشهر".

وبعدما نجحنا الأسبوع الفائت في إخراج 18 حالة مرضية مستعجلة، أوضح عبد الوهاب "نعمل على تسليط الضوء على حالات أخرى لنقلها لمستشفيات تتوفر فيها العلاجات".

وقال "لا يوازي عملنا الاسعافي حجم الكارثة التي نعيش. هناك أرواح معرضة للموت بكل لحظة".

لكن أهالي مضايا مستمرون، وأكد "صحيح أننا نعاني من الجوع، والاسعار الخيالية للمواد الغذائية الصحية، لكننا سنبقى مرفوعي الرأس".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500