أخبار العراق
مجتمع

حيرة الآيزيديات: البقاء مع أطفالهن من عناصر داعش أو العودة إلى ديارهن

وكالة الصحافة الفرنسية

جيهان قاسم، وهي آيزيدية من العراق، في منزل مؤقت بمنطقة يسكنها العديد من النازحين عند أطراف بلدة بعدرة شمال غربي العراق، في صورة التقطت يوم 25 حزيران/يونيو 2019. الخوف من أن تصبح منبوذة في مجتمعها أجبر جيهان على التخلي عن أطفالها الثلاثة لأن والدهم من عناصر داعش. [سافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

جيهان قاسم، وهي آيزيدية من العراق، في منزل مؤقت بمنطقة يسكنها العديد من النازحين عند أطراف بلدة بعدرة شمال غربي العراق، في صورة التقطت يوم 25 حزيران/يونيو 2019. الخوف من أن تصبح منبوذة في مجتمعها أجبر جيهان على التخلي عن أطفالها الثلاثة لأن والدهم من عناصر داعش. [سافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

بعد البقاء سنوات طويلة رهائن في قبضة المتطرفين، واجهت جيهان قاسم معضلة مؤلمة: إما التخلي عن أطفالها الثلاثة الصغار الذين ولدوا لأب من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أو التعرض لرفض مجتمعها لها.

وأوضحت جيهان متحدثة بواقعية وهي تجلس في غرفة إسمنتية متردية باتت تعتبرها منزلها، "لم أستطع أن أعيدهم معي إلى الوطن، فهم أولاد داعش".

وأضافت: "كيف آتي بهم إلى هنا وأشقائي ما زالوا في قبضة داعش؟"، مسلطة بذلك الضوء على حقيقة قاسية هي أن الأطفال سيذكرون دوما بالفظائع التي ارتبكتها داعش بحق المجتمع الآيزيدي المنغلق على نفسه والمتماسك.

وتواجه المعضلة المؤلمة نفسها العشرات من النساء والفتيات الآيزيديات اللواتي تعرضن للاغتصاب الممنهج والبيع والزواج القسري من متطرفين بعد أن خطفن على أيدي عناصر داعش من منطقة أجدادهن سنجار في العام 2014. ماذا يفعلن بالأطفال الذين هم ثمرة هذه الزيجات القسرية؟

أطفال عراقيون نازحون من الطائفة الآيزيدية يقفون أمام خيمة في مخيم خانك بمحافظة دهوك العراقية في 24 حزيران/يونيو 2019. تواجه عشرات النساء والفتيات الآيزيديات اللواتي خطفن على يد داعش معضلة مؤلمة: فإما أن يتخلين عن أطفالهن الذين ولدوا لآباء من عناصر داعش، أو يواجهن خطر رفضهن من مجتمعاتهن. [سافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

أطفال عراقيون نازحون من الطائفة الآيزيدية يقفون أمام خيمة في مخيم خانك بمحافظة دهوك العراقية في 24 حزيران/يونيو 2019. تواجه عشرات النساء والفتيات الآيزيديات اللواتي خطفن على يد داعش معضلة مؤلمة: فإما أن يتخلين عن أطفالهن الذين ولدوا لآباء من عناصر داعش، أو يواجهن خطر رفضهن من مجتمعاتهن. [سافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية]

وبعد تحريرهن، تجهد هؤلاء النسوة للشفاء من الجروح التي طالت الأقلية المحافظة، وهن تدركن أن تربية أطفال المتطرفين سيجعل تضميد هذه الجروح ضربا من المحال.

خُطفت جيهان عندما كانت في الـ 13 من العمر وعندما بلغت 15 ربيعا أجبرت على الزواج من عنصر تونسي من داعش، وهربت معه ومع أطفالهم من معقل داعش في منطقة الباغوز السورية بعد تعرضها للقصف قبل أربعة أشهر.

وعندما علمت القوات المدعومة من الولايات المتحدة أنها آيزيدية، نقلتها مع طفلها البالغ من العمر عامين وطفلتها البالغة من العمر سنة ورضيعها الذي لم يتجاوز الأربعة أشهر، إلى ملجأ في شمال شرق سوريا يستضيف أمهات أخريات من الأقلية المظلومة.

ونشر الملجأ الذي يعرف باسم البيت الآيزيدي صورتها على موقع فيسبوك، فتعرّف عليها شقيقها الأكبر سامان بعد سنوات من الفراق، وهو ما يزال في شمالي العراق.

وأراد منها العودة إلى المنزل ولكن دون أطفالها.

وبعد أيام من التردد المحفوف بالإحباط والقلق، قررت جيهان ترك أطفالها بيد السلطات الكردية مقابل ما وصفتها بأنها عائلتها الحقيقية.

وتمتمت قائلة: "إنهم صغار وكانوا متعلقين بي وأنا متعلقة بهم... لكنهم يبقون أولاد داعش".

وأشارت إلى أنها لم تحتفظ بأي صور لهم ولا تريد أن تتذكرهم.

وتابعت: "اليوم الأول كان صعبا، ثم شيئا فشيئا، ننساهم".

ʼلا أحد يسأل عن مصيرهنʻ

ولقرون مضت، جرت العادة عند الآيزيديين بنبذ نسائهن اللواتي يتزوجن من أشخاص من خارج االطائفة، حتى ولو تم الزواج بخلاف إرادتهن.

وكادت الفتيات اللواتي خطفن على أيدي داعش في العام 2014 أن تواجهن المصير نفسه، لولا المرسوم التاريخي الذي أصدره الزعيم الروحي للطائفة الآيزيدية، بابا شيخ، وقضى بوجوب تكريم المجتمع لكل من بقيت على قيد الحياة بعد الاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها على أيدي عناصر تنظيم داعش.

ولكن فعل الرحمة هذا لم يشمل أطفالهن.

وفي نيسان/أبريل الماضي، أصدر المجلس الروحي الأعلى الآيزيدي مرسوما ملتبسا رحب فيه بـ "أطفال الناجيات"، مما خلق أملا بصدور قرار ثان يقضي باحتضان من ولدوا من أم آيزيدية وأب داعشي.

ولكن هذا الأمر أثار رد فعل عنيف عند الآيزيديين المحافظين، ما دفع بالمجلس إلى إصدار توضيح أشار فيه أن شيئا لم يتغير، وأنه لن يقبل إلا بالأطفال المولودين من أب وأم آيزيديين.

وفي هذا السياق، قال الناشط الآيزيدي طلال مراد، إن أي إصلاح إضافي كان يعتبر تهديدا إذ يفتح أبواب التغيير أمام مجتمع مصدوم.

وأضاف مراد الذي يرأس موقع "آيزيدي 24" المتخصص في الشؤون الآيزيدية: "إذا حدث مثل هذا التغيير في الطائفة فقد تحدث أمور أخرى أيضا بما يؤدي إلى ضياع الديانة الآيزيدية وانهيارها".

أما ممثل المجلس، علي خضر، فذكر في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجدل لا يتمحور فقط حول الإصلاح العقائدي.

وأوضح خضر من مقر المجلس في شيخان: "أولا وبحسب القانون العراقي، سيسجل أي طفل مجهول الأب بصورة تلقائية على أنه مسلم".

وبحسب الشريعة الإسلامية التي يستند إليها الدستور العراقي، فإن الدين موروث من الأب.

ومن الناحية النفسية، ذكر خضر أن جروح المجتمع الآيزيدي جراء اختطاف أبنائه سنوات طوال لم تلتئم بعد ليقبل بتربية أطفال جلاديه.

وأشار إلى أنه "حتى اليوم، ما تزال آلاف النساء والفتيات الآيزيديات بقبضة داعش، ولا أحد يسأل عن مصيرهن فيما الاهتمام منصب على أطفال لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة".

وذكر المجلس أنه لا يحتفظ بإحصائيات عن عدد النساء الآيزيديات اللواتي نجون وعدن إلى ديارهن مع أطفال ولدوا نتيجة للاغتصاب.

لحم ودم ودموع

وفي حين أن معظم الأمهات الآيزيديات تركن أطفالهن في البيت الآيزيدي في سوريا، إلا أن بعضهن أحضرن أطفالهن المولودين من عناصر داعش إلى ديارهن في العراق. ورفضن إجراء مقابلات نظرا لحساسية الموضوع.

وفي مواجهة مع عائلتها الآيزيدية، أصرت إحدى النساء بداية على الاحتفاظ بطفلتها البالغة من العمر سنة واحدة ووالدها من عناصر داعش المفقودين، إلا أنها ما لبثت أن تراجعت عندما اكتشفت أنها لن تستطيع الحصول لابنتها على أوراق ثبوتية عراقية لأن والدها غير موجود.

وقال طبيبها إنها تركت الطفلة للتبني.

وفي الربيع الماضي، وصلت شابة أخرى في الـ 18 من عمرها إلى العراق بعد أن أطلق سراحها وهي حامل من خاطفها الداعشي، حسبما ذكرت أخصائية اجتماعية كانت مسؤولة عن ملفها.

أمضت الفتاة أسابيع عدة في مركز آمن دون علم عائلتها حتى أنجبت، فتخلت عن الرضيع وانضمت إلى أقاربها في أحد مخيمات النزوح.

وذكرت مديرة مكتب شؤون المرأة والطفل في الموصل، سكينة يونس، أن خمسة أطفال ولدوا من أمهات آيزيديات وآباء من تنظيم داعش تركوا العام الماضي في دار للأيتام بالموصل، الأمر الذي ساعد عائلات مسلمة محلية على تبنيهم.

وهم اليوم مسجلون كمسلمين.

ومن المرجح أن يكون التأثير النفسي لهذا الانفصال بين الأم وطفلها طويل الأمد. وجيهان خير مثال على ذلك إذ أنها ما تزال تبدو منهارة.

وقبل أسابيع، وصفت أطفالها لأخصائية اجتماعية بأنهم "لحمها ودمها"، قائلة إنها مشتاقة إليهم.

وفيما بدت أقل عاطفية عند حديثها إلى وكالة الصحافة الفرنسية، إلا أن ابتسامة خجولة ظهرت على وجهها وهي تتذكرهم. وبكت بصمت عندما ابتعد شقيقها عنها.

وأكدت: "لو كان الأمر بيدي، لكنت أحضرتهم معي".

هل أعجبك هذا المقال؟

2 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

معاناة نساء المحررات الايزيديات جيهان قاسم، وهي آيزيدية من العراق، في منزل مؤقت بمنطقة يسكنها العديد من النازحين عند أطراف بلدة بعدرة شمال غربي العراق، في صورة التقطت يوم 25 حزيران/يونيو 2019. الخوف من أن تصبح منبوذة في مجتمعها أجبر جيهان على التخلي عن أطفالها الثلاثة لأن والدهم من عناصر داعش. سافين حامد/وكالة الصحافة الفرنسية قبل عددت الايام سمعت في رايدو (؟؟؟) و اعتقد بانها تتكلم عن نفس الشخص لكن لم تذكر اسمها . ونقل عنها بان كانت 13 عشر في 2014 عندما خطفت خدرا و زوج قصرا واصبح لها 3 الاطفال ( الاكبر 2 و الوسط سنةو بضعة شهر و الاصغر 4 الاشهر (رضيع). " انني تركتهم في الهول و كانت الطف 2 سنتين ينادى عى الام " امى خذنى معك و تكرره.مرات و المرات ...و الثانى غير قادر على الكلام و و قالت نظفت الرضيع و غيرت دايبي و اشتريت لها دابي و رضعتة للاخر مرة من ثديين و تركتم ... وقال بانهم صغر السن سوف تنسوننى !!!!. ويا للموقف الصحب تجمع الحب و الكره في الاطفال هل لا توجد انسان في العام تساعد تلك النسوة بتوفير العيش كريم مع اطفاهن و باى طريقة ممكنة!! واخشى على الاطفال الابرياء ان يقعون في ايدى المجرمين و التجار بلاطفلل . نحن جمعيعا ضعايا الحكام تجار الدم و الماساة. م . اربيل العراق

الرد

كلمة حق يراد بها باطل ..... اين موقعكم كافة جرائم الدولة الإسلامية ضد الايزيديين حتى تركزون على هكذا حالات

الرد