أخبار العراق
أمن

المحللون العراقيون يسعون إلى الحؤول دون انبعاث داعش

خالد الطائي

عنصر من القوات العراقية يقوم بحراسة 31 متهما من عناصر داعش في مقر جهاز الاستخبارات في بغداد يوم 16 آذار/مارس، 2015. [علي السعدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر من القوات العراقية يقوم بحراسة 31 متهما من عناصر داعش في مقر جهاز الاستخبارات في بغداد يوم 16 آذار/مارس، 2015. [علي السعدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

كشف مسؤول استخباراتي رفيع المستوى لوسائل الإعلام العراقية مطلع هذا الشهر، أن محللو الاستخبارات العسكرية العراقية وجدوا أن العديد من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، اتموا شكلا من أشكال التعليم العالي.

وتمكن التنظيم من الاستفادة من هذه القاعدة المعرفية لتصنيع الأسلحة المحظورة وبناء أنظمة الاتصالات والمراقبة، وفقا لما قاله رئيس الاستخبارات العسكرية العراقية، اللواء سعد العلاق.

وقال إن المجندين من ذوي الخبرة في التخطيط القتالي والإدارة والطب استخدموا مهاراتهم أيضا لخدمة داعش، وكذلك أولئك الذين لديهم مهارات تتعلق باستخراج الثروة النفطية والمعدنية التي تم بيعها لجمع الأموال.

وتتوافق النتائج مع تلك التي نشرت في تقرير أصدره البنك الدولي في أكتوبر/تشرين الأول، 2016، تحت عنوان "الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لمنع التطرف العنيف".

صورة لقائد من داعش اعتقلته إدارة الاستخبارات العراقية نشرت على الإنترنت في 25 حزيران/يونيو، 2017، كان مسؤولا عن تصنيع الطائرات دون طيار. [حقوق الصورة لوزارة الدفاع العراقية]

صورة لقائد من داعش اعتقلته إدارة الاستخبارات العراقية نشرت على الإنترنت في 25 حزيران/يونيو، 2017، كان مسؤولا عن تصنيع الطائرات دون طيار. [حقوق الصورة لوزارة الدفاع العراقية]

عناصر من القوات العراقية يواكبون عنصرين من داعش اعتقلا على خلفية ارتباطهما بالعديد من الهجمات التي وقعت في 10 آب/أغسطس، 2016. [حقوق الصورة لإدارة الاستخبارات العراقية]

عناصر من القوات العراقية يواكبون عنصرين من داعش اعتقلا على خلفية ارتباطهما بالعديد من الهجمات التي وقعت في 10 آب/أغسطس، 2016. [حقوق الصورة لإدارة الاستخبارات العراقية]

واستندت نتائج دراسة البنك الدولي إلى البيانات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية العائدة إلى 3803 مجند من عناصر داعش الأجانب، تم تسريبها من سجلات عناصر التنظيم ويعود تاريخها إلى نحو عام 2014.

وأضافت الدراسة: "وجدنا أن داعش لم تجند عناصرها الأجانب من بين الفقراء والأقل تعليما، بل على العكس، يبدو أن عدم الاندماج الاقتصادي هو العامل الذي يفسر مدى التشدد والتوجه نحو التطرف العنيف".

فبحسب تقرير للبنك الدولي، وصل 69 في المائة من مجندي داعش إلى مرحلة التعليم الثانوي على الأقل، مع 15 في المائة فقط لم يبلغوا المرحلة الثانوية.

وهذه النتائج تكرر نتائج الدراسات السابقة التي أظهرت أن البطالة بين المتعلمين تؤدي إلى احتمال أكبر لاعتناقهم أفكار راديكالية.

ومع أخذ كل ذلك بعين الاعتبار،أكد الخبراء العراقيون الذين تحدثوا إلى ديارنا أهمية تبني خطط وبرامج فعالة تمنع داعش من تجنيد المتعلمين.

مكافحة جهود التجنيد

وفي حديث لديارنا، قال الخبير الأمني أمير الساعدي، أن الأجهزة الاستخباراتية وضعت يدها على "مسألة في غاية الخطورة" استراتيجيا وسياسيا، وذلك من خلال مراقبتها لمراحل نشوء تنظيم داعش وتطوره.

وأوضح أن "الاعتقاد السائد كان أن التنظيم يستغل بدرجة كبيرة الأطفال والشباب الذين لم يحظوا بقدر كاف من التعليم، بسبب سهولة خداع هؤلاء أو إثارة عاطفتهم الدينية".

وأضاف أن أجهزة الاستخبارات وأجهزة أخرى أكدت أن أعدادا ليست بقليلة من خريجي الجامعات ومن ذوي الخبرة والكفاءة في تخصصاتهم كانت في صفوف داعش، "ما استدعى منا كمحللين وخبراء الوقوف عنده".

ولفت الساعدي إلى "إننا أمام تحد كبير يتمثل في كيفية التصدي لأي محاولة تجنيد من الإرهابيين، وبالذات للأشخاص من الطبقة المتعلمة".

ونوّه أن هذه المعركة أكثر صعوبة من مواجهة داعش في الميدان، إذ تتعلق بمقاومة الفكر والأيديولوجية المتطرفة.

وأردف: "ينبغي علينا تعزيز دور المؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية باتجاه تبني برامج لتحصين كل فئات المجتمع، بما فيهم المتعلمين وخريجي الكليات، من الوقوع في شرك الإرهابيين".

بدوره، رأى أستاذ علم السياسة بالجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن "مكافحة البطالة المتفشية خاصة بين أوساط الخريجين، تعتبر جزءا أساسيا في خطة مكافحة الإرهاب.

وتابع لديارنا أنه أثناء فترة احتلاله لمساحات واسعة من العراق، حاول تنظيم داعش إغراء الناس بالمال والامتيازات للانضمام إلى صفوفه بدلا من التهديد، خصوصا العاطلين عن العمل من حملة الشهادات.

وأردف: "غالبا ما نسمع عن مقتل أو اعتقال خبراء من داعش متخصصين بصناعة الأسلحة والقنابل الكيميائية، أو يديرون أنشطة تتعلق بالاتصالات والاختراق الإلكتروني والطيران المسير".

الحؤول دون انبعاث داعش من جديد

وقال الفيلي أن مواجهة هذا النوع من التهديد مستقبلا، يتطلب التنسيق بين جميع المؤسسات الحكومية لاحتضان كل الشباب وتنمية مهاراتهم وهواياتهم واستغلال طاقاتهم في خدمة وبناء مجتمعاتهم".

وأشار عضو مجلس محافظة نينوى، علي خضير، إلى إن تنظيم داعش كان يستخدم الكفاءات من بين عناصره في الشؤون التي تتطلب مهارات ودراية تخصصية، تاركا الأعمال الوضيعة لباقي المجندين من اليافعين أو ممن ليس لديهم خبرة أو شهادة بعد غسل عقولهم.

وذكر لديارنا: "نقوم بكل ما من شأنه منع داعش من العودة إلى الحياة وإغواء شبابنا وتضليلهم بهدف تجنيدهم".

ودعا خضير الحكومة إلى التركيز على تنمية المجتمعات المحلية التي تضررت من إرهاب داعش أو التي تواجه صعوبات اقتصادية.

وختم مؤكدا ضرورة إنعاش الاقتصادات المحلية عبر فتح أبواب الاستثمار لتوفير فرص العمل لكل العاطلين، إضافة إلى تفعيل استراتيجيات مكافحة الفقر والأمية وسائر المشاكل المجتمعية.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500