أخبار العراق
إرهاب

انقسامات عرقية وصراعات تعصف بداعش في الرقة

وليد أبو الخير من القاهرة

مقاتلو ’الدولة الإسلامية في العراق والشام‘ يشاهدون أحدهم وهو يقيم الحد بحق أحد سكان الرقة عام 2016. تصاعدت حدة التوتر بين مقاتلي داعش من الجنسيات المختلفة مع تضييق الخناق عليهم في المدينة. [حقوق الصورة للرقة تذبح بصمت]

مقاتلو ’الدولة الإسلامية في العراق والشام‘ يشاهدون أحدهم وهو يقيم الحد بحق أحد سكان الرقة عام 2016. تصاعدت حدة التوتر بين مقاتلي داعش من الجنسيات المختلفة مع تضييق الخناق عليهم في المدينة. [حقوق الصورة للرقة تذبح بصمت]

تشهد مدينة الرقة التي يعتبرها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) عاصمة لـ "خلافته"، صراعاً بين مقاتليه من جنسيات مختلفة.

ونقل شهود عيان لديارنا أن الأمور وصلت مؤخراً إلى نقطة الغليان وبخاصة بين المقاتلين السوريين والتونسيين، كما تؤشر إلى ذلك وتيرة اندلاع المعارك والاشتباكات بينهم.

وفي هذا السياق، قال التاجر وائل مصطفى وهو من أهالي الرقة، إن التونسيين اتحدوا معاً فأخلوا المنازل التي استولوا عليها داخل المدينة، وانتقلوا جميعاً إلى منطقة أخرى.

وأشار إلى أنهم متوارون كلياً عن الأنظار في جميع شوارع الرقة، مضيفاً أن "السكان لاحظوا خلو دوريات الحسبة ( الشرطة الدينية) من أي تونسي".

وتابع أن التونسيين يظهرون فجأة في الأسواق لشراء المواد الغذائية بمجموعات تقارب العشرة أفراد وما فوق، لافتاً أنه في حين يقوم بعض منهم بالتبضع يعمل الأخرون على تأمين الحماية لهم.

وأردف أنهم لم يعودوا يقضون ساعات في أسواق المدينة كما كانوا يفعلون سابقاً، بل أصبحت فترة تبضعهم قصيرة جداً.

وكشف أن بعض التونسيين كانوا يقيمون في وسط المدينة، إلا انهم أخلوا المنازل التي كانوا يحتلونها وانتقلوا إلى المنطقة التي يتجمع التونسيون فيها.

ويُعتقد، وفقاً له، أن هذه المنطقة تقع على أطراف مدينة الرقة من ناحية شارع الرميلة، حيث قامت مؤخراً جرافات بإقفال الطرقات المؤدية إليها.

تصاعد الخلافات الداخلية

وكان تجار السوق قد شهدوا على العديد من المعارك بين عناصر داعش المتحدرين من الرقة والتونسيين.

وأردف مصطفى أن "سبب هذه الخلافات هو فرض غرامة فورية على الذين يخالفون أحكام التنظيم"، موضحاً أن التونسيين هم من بدأ بفرض مثل هذه الغرامات لتجميع الأموال، منافسين بذلك عناصر داعش المحليين الذين يسعون للأمر نفسه.

وتابع أن عناصر داعش السوريين يعيدون سبب هذا التوتر إلى رفض التونسيين القتال في الخطوط الأمامية أو الانتقال إلى دير الزور نظراً لكثرة المخاطر التي قد يتعرضون لها.

وأضاف أنهم يصرون على مغادرة المنطقة بنية العدوة إلى تونس، أو الهرب إلى بلد أوروبي.

"هذا الأمر أثار حفيظة العناصر المحلية التي تُجبر على القتال في الصفوف الأمامية، ما أوقع خسائر جسيمة في صفوفهم"، حسبما قال.

وأكد مصطفى نقلاً عن بعض الأهالي، حصول اشتباكات بين التونسيين ودوريات الحسبة في أحد الشوارع المؤدية إلى دوار النعيم، أوقعت عدداً من القتلى والجرحى.

ونقل له الأهالي أن التنظيم عتّم على هذه الحادثة، مدعياً أن القتلى والمصابين سقطوا على الجبهات أثناء قتال قوات سوريا الديمقراطية.

ثورة ضد القيادات

من جهته، قال المحامي السوري محمد العبد الله المتخصص بتوثيق أحداث الحرب السورية والجرائم التي ترتكبها داعش، إنها ليست المرة الأولى التي يُرصد فيها تمرد المجموعات التونسية ضد قيادات التنظيم.

وذكر لديارنا أنه "في العام 2015، وصلت الأمور إلى ذروة التوتر بين المجموعات التونسية والخليجية بسبب الخلافة على القيادة والإمرة".

وتابع العبد الله أن الوضع متوتر جداً بين التونسيين والعناصر العربية الأخرى كالعراقيين والسعوديين، كما حصلت مناوشات عدة بينهم وبين عناصر التنظيم السوريين.

وأشار إلى أن الخلافات بدأت تظهر إلى العلن نتيجة للصراع على السلطة، موضحاً أن التونسيين يريدون شغل أعلى المناصب معتبرين أن ذلك حق لهم باعتبارهم تركوا ديارهم للالتحاق بالتنظيم.

وينطبق الأمر نفسه على الخليجيين والعراقيين، وفق ما تابع، إذ يصرّ القادمون من العراق على التفرد بالقيادة بسبب الأوضاع السائدة هناك وعدم إمكانية عودتهم بعد خسارة التنظيم للكثير من المناطق التي كان يسيطر عليها.

وأفادت بعض التقارير الصحافية بأن الخلافات الداخلية تأججت مؤخراً، بسبب الاستياء من الأخبار التي سرت حول اختيار مجلس شورى التنظيم للعراقي أبو حفصة الموصلي ليخلف أبو بكر البغدادي.

انهيار الولاء تحت وطأة الضغوط

أما اللواء المتقاعد في الجيش المصري والمتخصص بالجماعات الإرهابية، يحيى محمد علي، فقال إنه "كلما زاد الضغط العسكري على تنظيم داعش، كلما ظهرت الخلافات إلى العلن خصوصاً بين المجموعات من جنسيات مختلفة".

وأضاف لديارنا أن هذا يدلّ على ضعف ولاء مقاتلي تنظيم داعش له، في وقت كان هذا الأخير يصور هذا الولاء على أنه متين ومبني على قواعد دينية وعقائدية صلبة.

وأوضح أن كل الجماعات المسلحة وحتى الجيوش تتعرض لهذه الضغوطات خلال المعارك، التي غالباً ما تشكل الامتحان الأصعب للقيادة.

واعتبر أنه لو كانت هيكلية تنظيم داعش متينة، لبقيت العلاقات الداخلية مستقرة.

وختم علي قائلاً إنه "عندما تكون الأسس التي يقوم عليها التجنيد هي المال والمنازل والزيجات المتعددة، فمن الطبيعي أن تؤول الأوضاع إلى ما آلت إليه".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500