أخبار العراق
حقوق الإنسان

أطفال يقتلون بانفجار ألغام زرعها حزب الله على مداخل مضايا

نهاد طوباليان من بيروت

عُثر على هذا اللغم في حقل ببلدة مضايا المحاصرة، ويقول السكان إن حزب الله زرع محيط المدينة بالألغام. [حقوق الصورة للناشط السوري أحمد عبد الوهاب]

عُثر على هذا اللغم في حقل ببلدة مضايا المحاصرة، ويقول السكان إن حزب الله زرع محيط المدينة بالألغام. [حقوق الصورة للناشط السوري أحمد عبد الوهاب]

في الوقت الذي يعيشون فيه محاصرين في بلدتهم بسبب الطوق الذي يفرضه عليها كل من النظام السوري وحزب الله اللبناني، أكد أهالي بلدة مضايا القريبة من دمشق لديارنا أنهم يواجهون خطر الموت إذا ما حاولوا الفرار بسبب الألغام التي تزنّر البلدة.

وأضحوا أنه خلال الحصار الذي يدوم منذ أكثر من عام ، عمد حزب الله إلى إقامة حواجز ثابتة ومتحركة وزرع آلاف ألالغام في الحقول والمزارع المنتشرة في محيط البلدة.

وقال ناشطون لديارنا إنه حتى اليوم، وقع ضحية هذه الألغام 50 شخصا من أهالي البلدة، قضى 10 منهم بشكل فوري فيما بترت أرجل 14 أخرين.

محاصرون من حزب الله

وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر، أصيب ثلاثة شبان بانفجار لغم، إصابة أحدهم بالغة ويواجه خطر بتر رجله.

وروى لديارنا أحد الناجين من الألغام، 19عاماً، كيف وجد ومجموعة من شباب مضايا أنفسهم في حقل من الألغام، مستخدما اسما مستعارا خوفا على سلامته.

وقال إن أهالي مضايا ينتظرون المساعدات الأممية للحصول على المواد الغذائية الأساسية ، "ونعاني من نقص هائل بمادة الملح الذي لم تؤمنه المساعدات".

وتابع ناصر: "قررنا أنا ومجموعة من الشباب كسر الحصار ومحاولة إدخال كميات من الملح بعدما بلغ ثمن الكيلوغرام الواحد منه أكثر من مئة دولار".

وأضاف: "ما أن وصلنا إلى منطقة تعرف بـ ’الوزير‘، حتى انفجرت بنا مجموعة من الألغام الفردية أصابت إثنين منا، فيما نجوت مع آخرين".

وقال إنه "بعد الإنفجارات، شغّلنا مصابيح هواتفنا للوقوف على حالة المصابين، لنفاجئ أننا محاصرون بعدد كبير من الألغام".

وأشار ناصر إلى أن أحد المصابين تعرّض لإصابة مباشرة بساقه اليسرى، وهو مهدّد ببترها إذا لم يُنقل إلى مستشفى خارج البلدة للخضوع لعملية جراحية.

وكشف أنه "يعاني اليوم من آلام حادة، وهو ليس الوحيد الذي وقع ضحية انفجار لغم، بل هو واحد من كثر أصيبوا خلال محاولتهم الوصول إلى أراضيهم الزراعية في جرود مضايا".

وختم بقوله: "نعيش والموت يسير إلى جانبنا. إننا محرومون من كل شيء، و[حزب الله] يحاصرنا بسلاحه وحواجزه وألغامه".

بتر قسري

أما الشاب محمد طارق الذي فضل أيضا استخدام اسم مستعار، فقال لديارنا إنه يعاني من مضاعفات كثيرة إثر بتر ساقه.

وأصيب الشاب في انفجار لغم مطلع عام 2016 الجاري، وتمكن لاحقاً من مغادرة البلدة لمتابعة العلاج.

وأضاف لديارنا: "لم نكن ندري أن ميليشيا حزب الله تحاصرنا وزرعت البلدة وأراضينا الزراعية بالألغام ".

وروى أنه في منتصف كانون الثاني/ يناير، "توجهت ومجموعة من الشباب إلى أرض خاصة بعائلتي للوقوف على إمكانية زراعتها".

"وما أن وطأت قدماي الأرض، حتى شعرت أن جسدي تمزق بانفجار، لاستوعب بعد دقائق أنني أصبت إصابة بالغة"، وفقا لما أضاف.

وتابع: "حاولت الوقوف على قدمي لكني لم أستطع كما لم يستطع رفاقي التقدم خطوة واحدة. سحبت نفسي بإتجاههم، فيما الدم يغطي نصفي السفلي".

نُقل طارق إلى المستشفى الميداني، حيث تمّ إبلاغه بأن وضعه حرج للغاية وهو بحاجة لعملية جراحية مستعجلة.

وقال: "لكن الحصار المفروض على البلدة فرض قرار بتر ساقي".

وأكد طارق أنه منذ 10 أشهر يعاني من مضاعفات بسبب البتر الذي تمّ بطريقة بدائية لعدم وجود جراحين متخصصين.

وأردف: "استطعت بطريقة ما مغادرة مضايا للعلاج، لكني حتى اليوم لم أستطع الوصول إلى مستشفى لمتابعة وضعي. أعيش بساق إصطناعية ولم أتأقلم معها بعد، وكل ذلك بسبب حزب الله الذي يظهر مدى حقده علينا".

أطفال يموتون

وتعرض عدد من الأطفال للموت بانفجار هذه الألغام أثناء لهوهم في أطراف البلدة، وفق ما قال لديارنا الناشط الطبي والإغاثي ومدير تجمع "عمرها" أبو علي حمادة.

وأوضح أن الحزب زرع البلدة كلها بالألغام ، مقدرا عددها "في الأراضي الزراعة والبور بـ 6000 لغما".

وأضاف أن الألغام تسببت منذ بدء الحصار بإصابة 50 شخصا بينهم سبعة أطفال، قتل منهم ثلاثة وبترت أرجل الباقين.

وذكر أن الألغام تسببت أيضا بمقتل الماشية، مضيفا أن أيّ شخص يتخطى مشارف البلدة مهدد أن ينفجر لغم به.

وقال: "حاولنا رفعها من الأرض، فشكّلنا فريقاً من الناشطين الشباب ممن لديهم خبرة [في تفكيك الألغام]. وبعد أن فككنا 15 لغماً في اليوم الأول، إنفجر لغم بشاب".

وأردف أن أطباء المستشفى الميداني اضطروا لبترها، موضحا أنه بعد هذا الحادث توقفوا عن محاولة تفكيك الألغام.

وما فاقم الوضع، حسبما أضاف، هو "اكتشاف حزب الله لما نقوم به، فباشر بمراقبتنا بشكل دقيق" حتى أنه ثبّت كاميرات مراقبة حرارية.

وأشار حمادة إلى أن حصار حزب الله أدى إلى فقدان كل المستلزمات، بمقدمها المستلزمات الطبية.

وتابع:"من يصاب بلغم نضطر لبتر ساقه ووضع طرف اصطناعي له لإننا نفتقر لإطباء إختصاصيين وللمعدات والمواد الطبية".

وقال "لا يمكن لإحد تصور مشهد المصاب وأشلاء ساقه ممزقة وتنزف الدم ويخضع للبتر ببنج موضعي، وصراخه من الألم يسمع في كل أرجاء مضايا".

وختم قائلا: "إننا محاصرون حتى الموت من قبل حزب الله".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق
سياسة ديارنا بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500